آخر التطورات

........صحيفة "الرأي" تتوقف عن الصدور ورقياً لعدم تواصل حكومة التوافق الوطني مع وزارة الإعلام منذ توليها.
الرئيسية | آرشيف المنوعات | إداريات | صديق رغم الضيق

2014-10-16

8587

إعداد ماجد حبيب/ سكرتير التحرير

كان لديه صديق يعزه ويحترمه، ويحبه ويوقره، ولكن لم يكن هذا الحب متبادلاً بنفس المقدار، فقد كان صديقه في بعض الأحيان يسيء التصرف معه، وقد يخطأ في حقه، ولكن صديقاً وحفاظاً على صداقته وحبه لصديقه، كان دائماً ما يسارع بالاتصال، وأحيانا تقديم الاعتذار حتى ولو لم يكن مخطئاً، كان يعاتبه في بعض الأحيان وينتقده في أحياناً أخرى، كان صديقه لا يقدر كل ما يبذله صاحبه من وسائل من أجل الحفاظ على هذه العلاقة، وكان دائماً ما يتعالى عن هذه التصرفات.

أما صديقنا فقد ظل حاله، حال كل محب وعطوف ومتسامح مع من يحب، يغفر له ذلاته، ويسامحه، ويحاول أحياناً تفسير بعض التصرفات الغير منطقية لصاحبه، بالعشرات من الأعذار، مقتدياً بقول رسولنا الكريم: "التمس لأخيك عذرا".

ظل على هذا الحال، وكان مبدأه في الحياة  قصة العقرب والرجل الحكيم الذي وجد عقرباً في الماء يتخبط محاولاً النجاة من الغرق، وعندما حاول إنقاذه لسعه العقرب، فحاولة مرة أخرى، وأيضاً لسعه العقرب، وفي المرة الثالثة نجح العجوز الحكيم في انقاذ العقرب، فاقترب منه شاب شاهد الموقف ونظر للعجوز وهو يمسك بيده مكان لسعة العقرب متسائلا ومستهجناً تصرف الرجل العجوز، من انقاذه للعقرب رغم أنه حاول لسعه ثلاث مرات، فأجاب العجوز الحكيم بأن العقرب من طبعه أن يلسع، ومن طبع صاحب القلب الكبير المسامحة والغفران والحب والعطف.

ظل صديقنا يتقرب من صديقه ويغفر له ويسامحه، متعللاً بأنه يحبه، ويراه مسكيناً ويجب عليه أن يكون بجانبه حتى ولو كان مخطئاً، فيوماً ما سوف يستيقظ من غفلته، ويوماً ما سوف يرى صديقه الذي وقف بجانبه دوماً، كان ينتظر هذا اليوم، الذي ينتبه صاحبه لمن هم حوله من أصدقاء يمروا مرور الكرام في حياته، فهو كل يوم مع صاحب جديد، وكل يوم يتعرف على أناس جدد ويعتبره أصدقاؤه الذين لا يمكن الاستغناء عنهم، ولكنهم سرعان ما يذهبون مع الريح، فكما أتوا سريعاً كانوا يذهبون سريعاً، حاول صديقه أن ينصحه أن مثل هذه العلاقات القائمة على المصالح لا يمكن أن تستمر، ولكنه لم يكن ينتبه، ويعتبر أن صديقه يغار من كثرة محبيه ومريديه.

وفي يوماً من الأيام استقبل صاحبنا أحد الاتصالات ليعلم أن صاحبه في أحد أقسام الشرطة لأنه ضبط وبحوذته ممنوعات، حيث تم ضبطه مع أحد "الأصدقاء" كما يسميهم، ولكنه لم يكن يعلم بهذه الممنوعات، لم يبتعد صديقنا عن صاحبه، بل ظل يساعده، حتى أثبتت التحقيقات أن الصاحب لم يكن متورطاً في هذا الأمر، بل هو الشاب صاحب العلاقة الحديثة معه.

خرج صاحبنا من السجن، أصبح الجميع ينظر إليه نظرة المستاء المحتقر، ولكن صديقه الذي وقف بجانبه كان دائماً معه، فحاول التخفيف عنه وإعادته إلى جادة الصواب، وقال له عندما كنت أعاتبك لم أكن أحب أن أزعجك ولكنني كنت أحفظ من الشعر بيتاً كان دائماً ما يتردد في ذهني عندما أراك تخطئ في عمل شيء ما، وهو:

إذا ذهب العتاب فليس ودٌّ ... ويبقى الودّ ما بقي العتاب

اقرأ أيضا

اشتراك

تواصل

جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014

متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات