2014-11-17
8610
كثيرا ما نسمع بعض الناس يسأل: ما هي هوايتك؟ ويرد بأنه كثيرا ما يستغرب أن يكون رد إنسان ما على هذا التساؤل بالقول: أنا هوايتي القراءة ، وتبرير ذلك أن القراءة ليست هواية! بل يجب أن تكون القراءة هي منهج حياتك.
وهذا يدعو للتفكير أن تكون الكلمة العظيمة التي بدأ بها الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم هي: ﴿ اقْرَأْ ﴾ [العلق:1] ، وقد كان من الممكن أن يبدأ الوحي بأي كلمة أخرى غيرها، ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أميّ لا يقرأ، إلا أن هذه الكلمة تُوجه له!
بدأ الوحي خطابه لخاتم الرسل بأمر صريح مباشر، مختصر في كلمة واحدة تحمل منهج حياة أمة الإسلام ﴿اقْرَأْ﴾! ثم نسأل بعد ذلك: لماذا نقرأ ؟ وهل القراءة وسيلة أم غاية؟ والإجابة عن هذا هو أن القراءة وسيلة، كما أننا نقرأ لكي نتعلم. وقد وضح الله – عز وجل – ذلك في الآيات الخمس الأولى من القرآن الكريم. قال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ اْلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 – 5]. ومن هذا القول نتعلم أنه لابد أن تكون القراءة بسم الله فلا يجوز أن نقرأ ما يُغضب الله، أو ما نهى الله عز وجل عن قراءته.
كما سطرت لنا السيرة موقفا آخر رائعاً غريباً جدا على الزمن الذي حدث فيه، بل وعلى غيره من الأزمنة، حتى زماننا!! إنه موقف فداء الأسرى في بدر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الأسير المشرك الذي يريد فداء نفسه من الأسر تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة!! هذا شيء غريب جداً، وخاصة في ذلك الزمن الذي انتشرت فيه الأمية، لكن القراءة والكتابة والتعلم احتياجات ضرورية لأي أمة تريد النهوض والتقدم والرقي.
ومن مواقف السيرة كذلك، أننا نجد أن الصحابي الذي يستطيع القراءة كان يُقدّم على أصحابه، انظر إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه، الذي قُدم على كثير من الصحابة، وصار ملاصقا للرسول صلى الله عليه وسلم بصفة شبه دائمة لأنه يُتقن القراءة والكتابة، وكلنا يعرف أبا هريرة رضي الله عنه، وكيف كان حفظه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه هي إذن قيمة القراءة في الميزان الإسلامي، وهذه هي قيمة القراءة في تاريخ المسلمين، ومع كل هذا التاريخ، وكل هذه القيمة، إلا أن أمة الإسلام – للأسف الشديد – تعاني اليوم من أمية شديدة، فنسبة الأمية التامة – عدم القراءة والكتابة أصلا – في الشعوب المسلمة تصل إلى 37%، كما تنتشر درجات كثيرة من الأمية غير المباشرة في أمة الإسلام، فهناك من لا يعرفون أشياء كثيرة في غاية الأهمية تحدث في دنيا النا، وهناك آخرون عندهم أمية دينية، والبعض الآخر لديهم أمية سياسية، ولا يعرف كيف تسير الأمور، ومن الناس من لديه أمية في القانون، لا يعرف ما هي حقوقه أو واجباته وعلى ذلك فقس كل العلوم.
إن مفتاح قيام هذه الأمة هو كلمة: ﴿ اقْرَأْ ﴾. لا يمكن أن تقوم الأمة من غير قراءة، لهذا كان أحد المسئولين اليهود يقول: نحن لا نخشى أمة العرب، لأن أمة العرب أمة لا تقرأ ، وصدق اليهودي وهو كذوب، فالأمة التي لا تقرأ هي أمة غير مهيبة ولا مرهوبة.
أنت تسأل والمفتي يجيب:
س : هل يجوز لرب العامل أن يراقب موظفيه أو عماله أثناء أدائهم لأعمالهم سواء بالطرق التقليدية أو الإلكترونية؟
إن العلاقة بين الموظف ورئيسه، أو بين العامل ورب العمل متقررة بمقتضى عقد العمل، ومنضبطة بالشروط التي يتضمنها هذا العقد، وهذا العقد يرتب على كلا الطرفين حقوقاً وواجبات، وهي حقوق وواجبات ملزمة شرعاً وقانوناً، حيث جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "المؤمنون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً".
وبناء على ذلك فإن العامل أو الموظف مطالب بالوفاء بشروط العمل، وحتى يتحقق رب العمل من الوفاء بهذه الشروط فلا بد له أن يضطلع على سير العمل ويراقبه، ويراقبه، ويراقب العمال أو الموظفين أثناء أدائهم لعملهم، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة في فلاة فأمروا عليكم أحدكم"، وما كان ذلك إلا ليقوم الأمير بدور تدبير شؤون الجماعة، ومراقبتها في القيام بواجباتها، هذا في حال ثلاثة يسافرون معاً؛ فيكف إذا كان الأمر يتعلق بجموعة عمال أو موظفين يقومون بعمل هو في ذاته يحقق مصلحة للمجتمع، حيث الوظيفة العامة هي مصلحة من المصالح كما جاء عند علماء السياسة الشرعية، ولا يجوز تعطيل هذه المصلحة بحال من الأحوال، وما المسؤولية إلا المتابعة والمراقبة ومعرفة كيف يقوم كل عامل بأداء عمله.
وإذا تقرر أن مراقبة رئيس العمل لعماله جائزة شرعاً، فإنه يجوز له أن يراقبهم بكل وسائل المراقبة المتاحة، سواء كانت ملاحظة بالعين، أو بالطرق الإلكترونية الحديثة، بشرط أن لا يصل الأمر إلى مراقبة خصوصياتهم، بمعنى أن المباح هو مراقبة أدائهم لعملهم، أما ما عدا ذلك فلا يجوز، وخصوصاً إن كان الموظف أو العامل هو امرأة، حيث المراقبة عند ذلك تتحول إلى تجسس على الآخرين، وهو محرم بنص كتاب الله تعالى، حيث قال عز وجل: (ولا تجسسوا).
في رحاب آية:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة الأحزاب – 59].
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهنّ؛ لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة. ويشددون أن الله أمر نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة، وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن.
مقال د. يوسف فرحات:
إحُسانُ الظن
من أسس تشكيل العلاقات بين المسلمين مبدأ الأخوة الذي قرره القرآن الكريم بقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: من الآية10] وأكدته السنة النبوية نظرياً وعملياً ، وحيث إن الاختلاف في الرأي أو الاجتهاد لا يُلغي هذا المبدأ ، فإن مسئولية التربية الإسلامية أن تعمل على غرسه كقيمة مطلقة ومنهجاً في السلوك والتعامل . ومن أبرز ما يمكن أن تتحمله التربية الإسلامية على هذا المستوى تنقية المشاعر من سوء الظن إزاء الآخر ، وحمله على المحمل الحسن كلما أمكن ذلك ، ونبذ المواقف التشكيكية المستندة إلى نزعة المغايرة أو الدعاية المغرضة التي تؤدي أكثر الأحيان إلى الظنون السيئة ، وهذا هو المنهج الذي عمل القرآن على غرسه وتكريسه ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) ]الحجرات: من الآية12 ] وعَقَّب على حادثة الإفك بقوله : (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) ] النور:12] وهو نفس المنهج الذي ربَّى عليه صلى الله عليه وسلم أصحابه حيث قال ، كما عند الشيخين : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ) كم يظهر حسن الظن في تعامله عليه الصلاة والسلام ففي مقولة الصحابة يوم الحديبية : خلأت القصواء وقوله عليه السلام دفاعاً عنها : ( ما خلأت وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل أكبر دليل على ذلك .
إن إحسان الظن بالإخوان وحمل أمرهم على السلامة والستر ما إن وجد مورد للبراءة ولو بنسبة ضئيلة، هو من القواعد المهمة ، والآداب الراقية التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم عندما يتعامل مع أخطاء إخوانه المسلمين .وقد حث الصحابة والتابعون الأمة على اتباع هذا المنهج ، فهذا عمر رضي الله عنه يقول : ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا شراً ، وأنت تجد لها في الخير محملاً ] الدر المنثور 6/99] . وقال أبو قلابة الجرمي : إذا بلغك عن أخيك شيئاً تكرهه فالتمس له عذراً جَهدك ، فإن لم تجد له عذراً فقل لعل لأخي عذراً لا أعلمه ] حلية الأولياء 2/285] . وبسلوك هذا المنهج وصلوا رحمهم الله إلى سلامة الصدر – التي قد عز وجوده في هذا الزمان – والتي كانت منقبة عندهم يمدحون من اتصف بها . فهذا زيد بن أسلم يحدثنا عن أبي دجانة رضي الله عنه وكان وجهه يتهلل ، فقيل له : ما لوجهك يتهلل ؟ فقال : ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين : كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني ، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً ] طبقات بن سعد 3/557] .. إن هذا المنهج هو الذي سار عليه السلف وامتثلوه في حياتهم العملية راسمين لنا صورة مشرفة في التعامل مع الآخرين . فما أحوجنا في هذا الزمان إلى مثله.
اقرأ أيضا
درسات وتقارير
زوايا الرأي
الأكثر قراءة
الأقسام
روابط الموقع
مواقع صديقة
اشتراك
تواصل
جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014
متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات