2016-08-08
1826
غزة-الرأي
ما بين إجماع المختصين وقادة الرأي والفكر والمجتمع المحلي على ضرورة تطوير نظام الثانوية العامة الحالي، ورفضهم للمقترح الجديد الذي أقرته الوزارة برام الله على شكله الحالي وإصرارهم على ضرورة إجراء التعديلات التي تجعل منه قابلا للتطبيق على أرض الواقع، يبقى الترقب الحذر هو سيد الموقف.
إذاعة صوت التربية والتعليم وعبر برنامجها فضاءات تربوية استضافت عدداً منهم لتضع مستمعيها في ضوء هذه القضية الهامة.
"كثر الحديث عن مقترح التوجيهي ولكن أنا شخصياً أدعي بأن هذا المقترح بشكله الحالي لن يخرج إلى النور لأنه غير واقعي وذلك لوجود أربع ثغرات رئيسية فيه، نحن متفقون أن التوجيهي بحاجة إلى تطوير وليس تغيير، ولو لم يكن امتحان التوجيهي موجوداً لأوجدنا امتحاناً بديلاً وسمه ما شئت، لأنه من الضروري أن يجلس طلابنا من رفح حتى جنين لامتحان موحد يقيس تحصيلهم وأدائهم في نهاية العام، ولكن لدينا ملاحظات على الامتحان الحالي ولكن الملاحظات على المقترح الجديد أكثر".
هكذا كانت إجابة د. حسن عبد الكريم عميد كلية التربية بجامعة بيرزيت، حول ما إذا كان النظام المطروح هو ما كان الجميع يطمح إليه عندما كانوا يدعون إلى تغيير نظام الثانوية العامة.
وأوضح د. عبد الكريم أن التطوير والإصلاح التربوي هو أمر جيد ومشروع، وأنه من ضروري أن يكون هناك حراك تربوي لكي نصلح النظام التعليمي، لكن الإصلاح لا يبدأ من الثانوية العامة, مؤكداً أنه ليس هناك مسوغ تربوي أو فلسفي لتقسيم المباحث إلى أربعة أساسية وأربعة إجبارية, كما في الفرع العلمي والذي سيتم تقسيم مباحثه وفقاً للمقترح الجديد إلى أربع مواد إجبارية وهي العربي والإنجليزي والفيزياء والرياضيات, وتحتسب جميعاً, وأربع أخرى أساسية هي التكنولوجيا والتربية الدينية والكيمياء والأحياء ويحتسب منها اثنتان, حيث أن خريج الفرع العلمي من الممكن أن يذهب لكلية الطب أو العلوم بتركيز ضعيف على الكيمياء والأحياء.
ووصف د. عبد الكريم تقديم امتحان التوجيهي على دورتين بأنه ثغرة كبرى في المقترح الجديد, حيث ستكون الأولى في شهر يونيو والثانية في شهر أغسطس, والجامعات في غزة والضفة –والتي تتسابق على استقطاب الطلبة- لن تنتظر إتمام هذين الامتحانين, مؤكداً أن جميع الطلبة سيسجلون في الدورة الأولى.
وخلال حديثه للإذاعة التعليمية قال د. عبد الكريم أن النظام المحوسب المقترح ضمن النظام الجديد؛ ستأتي غالبية أسئلته إن لم تكن جميعها أسئلة موضوعية, وهذا سيكون مدعاة لأن يكون هناك نموذجين للامتحان, أو ما يعرف بالأخذ من بنك الأسئلة, ما سيخلق إشكالية في تكافؤ الفرص, حيث أن أسئلة الطالب ستكون مختلفة عن أسئلة زميله, فضلاً عن الإشكالات المتعلقة بالإعداد الإعداد والبنية التحتية, والتكنولوجيا فالكهرباء في غزة غير متوفرة, وأجهزة الحواسيب غير كافية, إلى جانب سهولة تسريب الامتحانات الإلكترونية, عدا عن أن الطلبة الذين يسكنون في مناطق نائية لا تتوفر لديهم هذه الحواسيب, فالامتحان المحوسب لديه محاذيره والصور المتكافئة من الامتحانات ليست أمراً هيناً, وستخلق إشكالية.
وحول ملف الإنجاز، والذي سيكون جزءاً من المقترح الجديد، فقد ذكر د. عبد الكريم أنه سيخلق كثيراً من المشكلات لتغلُّب الجوانب الشخصية عليه, حيث ستقوم لجان -حسب المقترح- من مكاتب التربية والتعليم بالإشراف على قياس ملفات إنجاز الطلبة التي راكمها وحصلها في الحادي عشر والثاني عشر, ثم تجلس مع كل طالب على حدا وتناقشه في ملف إنجازه.. وعن الفرعين الجديدين والذين ستقرهما الوزارة ضمن المقترح الجديد وهما الإدارة والريادة, والفرع التكنولوجي, فقد ذكر د. عبد الكريم أن هذا التوجه جيد, لكن إذا صاحبه تغيير في المناهج الأساسية وتعريف الطالب بالمهن, لأنه وحسب التقارير والأبحاث العالمية عن الوضع التربوي في فلسطين, هنالك إقبال مبالغ فيه على الكليات الإنسانية والأكاديمية, وفلسطين تحتاج إلى حرفيين ومهنيين على درجة عالية وهذا الجانب يجب أن يتم تعزيزه في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية, معتبراً أن ميل الوزارة لهذين المقترحين في الريادة والتكنولوجيا يأتي في هذا السياق, وهو فتح آفاق جديدة من أجل تخفيف الضغط على الجوانب الأكاديمية والفروع الإنسانية التي أصبحت نسبة البطالة فيها مرتفعة جدا.
أما فيما يتعلق بإقرار الوزارة لفرع جديد للتكنولوجيا فقد اعتبره تناقضاً واضحاً مع فرزها مادة التكنولوجيا مادة اختيارية ضمن المقترح الجديد للثانوية العامة. وفيما يتعلق بإمكانية تطبيق النظام الجديد دون تعديله وموقف المختصين من هذا القرار, فقد قال د. عبد الكريم أن المقترح غير واقعي وعلى الأرجح لن يرى النور إلا بعد إدخال تغييرات جوهرية حقيقية عليه, معتقداً أنه لا يمكن تطبيق النظام الجديد دون موافقة الوزارة في غزة, لأن امتحان التوجيهي ما زال أحد معالم الوحدة بين شطري الوطن, محذراً الوزارة في رام الله من الإقدام على هذه الخطوة دون التنسيق التام مع غزة, لأن امتحان التوجيهي هو مجرد امتحان لكن مردوده وإرثه الثقافي والاجتماعي كبير وقديم ولا زال أحد معالم الوحدة, والتنسيق في هذا الجانب ضروري جدا.
وبين د. عبد الكريم أن الوزارة برام الله لديها مشكلة في أنها لا تتشاور مع من يعنيهم الأمر, فالجامعات الفلسطينية تبدو مغيبة, مؤكداً أنه لم يتم التنسيق مع كلية التربية في جامعة بيرزيت, مع العلم أن الوزارة لديها خبرات وكفاءات لا يمكن لأحد أن ينتقص منها, لكن يجب أن لا يغيب عن البال أن مخرجات التعليم المدرسي هي مدخلات التعليم الجامعي, فمن باب أولى أن يتم التنسيق وعقد ورشات عمل مع الجامعات,, وهذا ما لم يحدث
. وتطرق د. عبد الكريم خلال حديثه لفضاءات تربوية إلى أمر قانوني يتعلق بالحكومة الفلسطينية, والتي أعطت الضوء الأخضر لإجراء تجربة على عينة من الطلبة, وهذا لم يحدث ولم تصادق حتى الآن على تغيير نظام التوجيهي, بل صادقت على قبول المقترح كمقترح شريطة أن يتم تجريبه على عينة استطلاعية, مؤكداً أن هذا الأمر لم يتم.
من جانبه ذكر فريد قديح المشرف التربوي, أن هناك إجماع من الكل الوطني على ضرورة تغيير النظام التعليمي للثانوية العامة, مع تعدد وجهات النظر حول ماهيته, متمنياً أن يتعالى الجميع على هذه الخلافات وألا يكون الاختلاف في الرأي مدعاة للخلاف, وأن يكون الاتفاق في مصلحة الطلبة والمجتمع المحلي والارتقاء بالبلد. وذكر قديح أن النظام الجديد له ما له وعليه ما عليه, مؤكداً أن المناهج الفلسطينية حلزونية أو تراكمية في تناولها للمحتوى العلمي لأي تخصص, وبالتالي ما يأخذه الطالب حتى الصف العاشر يأخذ بيده إلى حد ما, لكن ما يأخذه في الصف الأول الثانوي العلمي والثاني الثانوي العلمي, وهو بمثابة بداية التخصص الحقيقي, وهو الذي يؤسس لأن يكون هناك منتج من المدارس من الطلاب إلى الجامعات, حتى لا تتم الشكوى من الجامعات من مستوى طلاب الثانوية العامة كما درجت العادة.
وأوضح أنه كان هناك تجربة سابقة في فرع العلوم الإنسانية في مادة الثقافة العلمية حين تم إقرارها كمادة اختيارية, حيث شكلت عقبة بالنسبة لكثير من الطلاب الذين لم يستطيعوا الحصول على الثانوية العامة بسببها, ومنهم من استنفذ جميع المحاولات للحصول عليها ثم اضطر لإعادة الثانوية العامة مرة أخرى, وهذا النموذج مدعاة للقلق في أن يكون هناك مبحثين اختياريين بدل مبحث واحد في المواد الاختيارية, معبراً عن استيائه من دراسة الطالب للطب –كمثال- وهو لم يتحصل على الأساسيات العلمية التي تعينه على المباحث الجامعية التي سيأخذها.
وبيَّن قديح أن وجود دورتين للتوجيهي إلى جانب الدورة الاستكمالية، هي خطوة تم تجريبها في الأردن ومصر, ثم تراجعوا عن هذا الأمر وعادوا لنظام العام الكامل, لأن الدورتين أحدثت تراخي عند الطلبة الذين اجتهدوا في الدورة الأولى وأهملوا الثانية, ما أدى إلى الانتقاص من درجاتهم والتأثير سلباً على معدلاتهم, فضلاً عن صعوبة توفير التجهيزات اللازمة من كادر بشري وموارد مادية من مدارس ومباني ومستلزمات كثيرة لعقد الدوريتين, عدا عن خلق حالة طوارئ في المجتمع.
وأكد قديح أن فكرة ملف الإنجاز ليست بجديدة, ففي قطاع غزة كان هناك محاولة لتنفيذه, ثم تم توقيفه لعدم ملائمة الظروف المحيطة به, مضيفاً أنه فكرة جيدة لكن يجب التأسيس له بالشكل المطلوب حتى نستطيع أن نرتقي بمستوى طلابنا وإبداعاتهم.
اقرأ أيضا
زوايا الرأي
الأكثر قراءة
الأقسام
روابط الموقع
مواقع صديقة
اشتراك
تواصل
جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014
متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات