آخر التطورات

........صحيفة "الرأي" تتوقف عن الصدور ورقياً لعدم تواصل حكومة التوافق الوطني مع وزارة الإعلام منذ توليها.
الرئيسية | آرشيف الزوايا | يوميات موظف حكومي | حتغيّر .. مش حتغيّر ...!!!

2015-07-09

8298

بقلم /آية أبو طاقية :


رمضان.. الوصفة السحرية نحو التغيير، رمضان.. أياماً معدودات عما قليل سيرتحلنَ، رمضان فرصتي الذهبية لأصيرَ شخصاً مهذباً أكثر ، سأصوم عن الثرثرة وأقلع عن أكل لحوم البشر، لن أسرد عيوب المدير أمام زملائي لتلتهمها أسماع الزملاء، ويجعلون منها وجبةً دسمةً للضحك، لن أستهزأ بزميلي – المتأخر غالبا- وهو يحضر إلى مكتبه مطأطأً رأسه بعد إخطار متكرّر بالخصم أو الفصل، لن أسخر من زميلي الذي يعاني عدم وضوحٍ في مخارج حروفه ، قررت التغيير، نعم سأتغير يا رب، اني نذرت لك صوما، ولن أكلمَ اليوم إنسياً.

تلك بعضٌ من الأفكار التي بادرت موظفنا الصالح على استحياء ، كانت إرهاصاتٍ تُنبؤ بالأفضل، لقد كان يقرأ كلما مشي في ممر الوزارة الموصل إلى مكتبه " إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" ، كانت مدوّنة على شريحةٍ ورقية مستطيلة ، لكنه لم يذكر أنها استوقفت تفكيره إلا بعد قراره هذا  .
لقدر روّض صالحٌ نفسه وألبسها لباس التقوى، مضى اليوم الأول والثاني والرابع والعاشر وهو يعيش استقراراً نفسيا مُرضيا، حتى استدعاه المدير يوما إلى مكتبه ليخبره بضرورة تأخره بعد انتهاء الدوام برفقة آخرين، وذلك لإنجازِ بعض المهام العاجلة، عبس صالحٌ وبسر، ثم عاد إلى مكتبه.
دخل إلى زملائه يهمهمُ بكلماتٍ غير مفهومة، تصاحبها دعواتٌ نال منها المدير النصيب الأكبر، بادره أحدهم متهكما : "مالك ضربت أخماس في أسداس يا راجل ، شو قصتك ؟" أجاب " والله مديرنا مش لاقيله شغلة ياشباب ، يوم تأخير لبعد الدوام، ويوم إنذارات،  ويوم، ويوم، الفاضي بيعمل قاضي ".
شرع الزملاء المخلصون بمواساة زميلهم الذي سيتأخر بعد دوامه الرمضاني المرهق، ظانين بمديرهم ظنّ السوْء ، يُسلّون أنفسهم بذكر عيوبه التي تمثلت في قراراته الجازمة ، وطلباته الحاسمة ، استرسلوا حتى نفذت كل الحكايا و"الحواديت" بهدف التفريغ لا أكثر، حتى لم يبق في جعبنهم شيئا غير التوقيع والانصراف .
لقد نسي صالحٌ أن إرادته في التغيير بدأت تتراجع، وأن محاولاته الأولى بدأت تنكسر في ظل إصراره وزملائه على العودة المذمومة  لنقطة الصفر " وكأنك يا ابو زيد ما غزيت " .

الكثير منا من يُلقي على كاهله حِمل التغيير دون أن يعيد ترتيب أوراقه المبعثرة، يقرر التغيير بلا ورقة أو قلم ، يُقنع نفسه بالتقدم دون محاسبة أو تعزير ، يقول "أنا لها" من غير أن يعرف أنّ الثمن غالٍ وأن الثبات على دفعِه شاقّ ومُكلف .

من الجيد أن نقررّ التغيير في رمضان، لكنّ الأكثر جودةً أن نمتلكُ كلّ مقوماته التي تساعدنا على تجاوز أخطائنا وزلاتنا التي ننوي حذفها من تاريخ معاملاتنا وعلاقاتنا مع البشر .

اقرأ أيضا

اشتراك

تواصل

جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014

متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات