2015-07-02
8257
بقلم / آية أبو طاقية :
واستوى على سوقه ، ركل ركلته الأخيرةَ نحو الخروج ، لم يدُم الأمر طويلاً ليسرع الزوج الشاب باصطحاب زوجه التي تثاقلت خطواتها الأخيرة، نحو المشفى الحكومي أقصد المجّاني، لم تحتمل آلام المخاض وهي التي لم تخُض غِمارها ذي قبل ، هرول الرفيق كطفلٍ يبحث عن ضالته ، ينادي في الظلماتِ أن ساعدوني فرفيقتي تتألم ، توجه إلى وحدة الاستقبال الخاصة بقسم التوليد، ليحجز لها مقعدا من الانتظار، يناظرها وهي تتكئ على كرسيٍّ بلاستيكيٍّ لن يحمل أثقالها التي تتنامى سريعا مع الدقائق، حجز الزوج تذكرة الدخول الأولى، وصل إلى قاعة الانتظار الخاصة بالرجال ، تحدث مع الممرضة الصائمة التي ترى "الديك أرنبا" ، ويا لِسعد من كان ديكاً ، حاول الزوج إقناعها بضرورة التعجل ، وفي كل مرة كأنما يأمرها بالتمهل والتململ ، ألحّ الزوج ، فثارت ثائرة الموظفة التي كانت تحدّق في جهازها الخليوي الحديث، لم تشأ أن يقاطعها قاطع، زمجرت الصائمة وقالت:" الواحد صايم ومش قادر يتحرك , إنت مفكر فش غيرك هنا ، الدنيا صيام، والواحد مش طايق حاله يا راجل"، امتزجت أنات الرفيقة بصراخ الموظفة الثائرة، استجلب الزوج في نفسه كلَّ مرادفات الصبر الجميل قائلا "يختي: كل هادا الصيام مأثر عليكِ ، كلنا صايمين ، واحنا مش جايين نشحذ منّك ، المرة بتتوجع وعدها ولدت "، لوت الموظفة شفتيها يُمنة ويُسرى، في إيحاءٍ سريع عن عدم إعجابها، وعلى مضض اصطحبت الممرضة مريضتها إلى الطبيبة داخل "عنبر" الولادة، وهي تتأفف وتتهفف، تكرر الموقف، والاستجابةُ ذاتُها لم تتبدل.
لقد نسيت الموظفة أن مرادها من الصيام هو التأديب والتهذيب، هي تعلمت منذ صغرها أن الصيام جُنة لكنها لم تُدرك ما جُنته .
عزيزتي الموظفة : حين فرض الله الصيام، لم يُكلفْنا بما لا ناقة لنا به أو طاقة ، هو يعلم أن منا القاعدون ومنا الموظفون، ولقد أُمِرنا جميعا بأن نعالج أنفسنا ونداويَ أسقامنا به، نُمسكُ عن طعامنا وزلاّتنا صابرين مُحتسبين متآزرين غيرَ خزايا ولا محرومين، لم يفرضه لأن نتمننّ به على العباد بحجة الوظيفة أو العمل .
عزيزي الموظف : لقد أدّبَنا الله بالصيام، وأودع فينا خصال التحمل والتصبّر رغم اختلاف منسوبه في أحدنا قياسا بالآخر، إن لم يغير فيك الصيام سوءا ويستبدله بحسنٍ، فلا حاجة لله من صيامك في شيء، ولا حاجة لك منه إلا انتظار الإفطار، لقد أنعم الله علينا بالفرائض كي نُبديَ تذللنا ، كي نلجأ مهطعين منيبين إليه ، فلا تدعَنّ من وظيفتك حائلا يمنعك من تحصيل الأجر، وجائزةُ العتق من النار.
وأخيرا: حال نهوضك من فراشك وخروجك إلى العمل ابتسم للناس، قل إني صائم ، اِحمد الله على نعمة الصيام ، تذكر وذكّر "الصيام مكرُمةٌ تستحقّ الحمد".
اقرأ أيضا
درسات وتقارير
الأكثر قراءة
الأقسام
روابط الموقع
مواقع صديقة
اشتراك
تواصل
جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014
متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات