2015-06-22
1855
بقلم / فلسطين عبد الكريم :
نهض من نومه وأخذ يقلب جسده يمينا وشمالا، على صوت المسحراتي وهو ينادي" اصحى يا نايم ووحد الدايم" مع إيقاع الطبلة، نظر إلى الساعة فوجدها تقترب من الثانية والنصف فجرا، فأخذته عيناه إلى زوجته فوجدها نائمة فأيقظها كعادته كي تجهز وجبة السحور، زوجته ذهبت إلى المطبخ لتعد ما تقع عيناها عليه في ثلاجة المنزل، بينما ظل في فراشه حتى يسترد نشاطه قليلا.
بعدها قادته قدماه الى غرفة ابنته الصغيرة "جودي " وأخذ يداعب وجنتيها الحمراوين وهي نائمة في سريرها كالملاك ، ثم طبع قبلة خفيفة على جبينها كي لا يوقظها ومن ثم غادر الغرفة بكل هدوء وكأن ملامحه تبدو عليها الوجع المعاناة من ضيق الحياة .
خرج الى صالون المنزل فوجد زوجته جهزت السحور والشاي الذي اعتاد على تناوله كل يوم، وبالرغم من أن شهيته لا تحبذ تناول أي شيء من جنس الطعام إلا أنه فضل تناول قليل من الخبز مع الجبن حتى لا يشعر بالكسل والخمول خلال ذهابه الى عمله الحكومي الذي لا يتقاضى عليه أجراً منذ فترة طويلة .
طلب من زوجته فتح التلفاز، فالجلوس وحده دون جليس لا يسلي، كان التلفاز يغص بالقنوات الدرامية والمئات من المسلسلات التي لا يستطيع حفظها بسبب كثرتها، فكر ماذا سيشاهد، فهو يشعر بالملل من الأخبار التي لا تسر عدوا أو صديق، ويشعر بالضيق أكثر في حال سمع خبرا عن تأخر نزول الرواتب، فهو كغيره من الموظفين يشعر بالإحباط، بالرغم من أن نشرة الأخبار تحمل في طياتها، أن قضية الموظفين على رأس أولويات الحكومة، لكنه لايرى أملا من هذا الحديث .
استقر أخيرا على مشاهدة باب الحارة فهو يرى بأن الحق والشجاعة والحكمة تنبع من داخل هذا العمل الدرامي، دقائق معدودة حتى أعلن مؤذن المسجد " ارفعوا أيديكم عن الطعام "، فانقض كالأسد على زجاجة الماء ليرتشف منها حتى لا يشعر بالعطش خلال النهار.
استعد وزوجته لصلاة الفجر، وما إن انتهيا من الصلاة ، حتى جلس لقراءة بعضاً من سور القرآن الكريم، ثم أسرع لارتداء ملابسه كي لايتأخر عن عمله فهو اعتاد على المشي يومياً، ليس حباً بالرياضة أو النشاط، لكنه لكي يوفر مصاريف المواصلات بشراء بعض الاشياء لأطفاله .
غادر منزله وخلال مشيه كان عقله هائما وفكره مشتتا، فقد كان يفكر في الديون التي تتراكم على كاهله، فيما ينشغل باله كيف سيواجه احتياجات شهر رمضان وهو لا زال في بداياته .
وعندما وصل مكان عمله ألقى التحية على زملائه في المكتب وعلامات الضيق تعلو وجهه، سأله أحدهم: مابك يارجل؟ أجاب بلهجة حزينة" ماتبقى في جيبي لايكفي احتياجات عدة أيام من شهر رمضان"، رد عليه زميله مبتسما" دع كل شيء وتوكل على الله فهو الرزاق الوحيد وليس أنت ولا يعلم الغيب إلا الله "
كانت كلمات زميله مثل نسمة هواء اخترقت قلبه فنظر إلى خارج نافذة مكتبه وهم يتمم "الحمد لله على كل شيء" ، وأخذ يفكر قليلا كيف يجعل من شهر رمضان فرصة انطلاقة نحو الأفضل له ولأسرته، وبات يفكر كيف ينظم جدوله الذي سوف يسير عليه في هذا الشهر الفضيل بما يتعلق بالعبادات والزيارة الاجتماعية وتوفير احتياجات أطفاله على الرغم من عدم تقاضيه راتبه ..!!
اقرأ أيضا
درسات وتقارير
الأكثر قراءة
الأقسام
روابط الموقع
مواقع صديقة
اشتراك
تواصل
جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014
متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات