2015-05-07
8426
الرأي- دعاء عمار
تعال أحادثك بلطف، أنا وأنت فقط وقد يكون ثالثنا كتاب، هكذا حقيقة نمط الحب الذي يفضله البعض، وعنه تنبثق كل الأحاديث الجميلة التي يمكن أن تختال فيها أجمل الأفكار عن المستقبل والحاضر والماضي.
قرأت مؤخرا عددا من المقالات التي انتشرت عبر الانترنت يقول أحدها لا تتزوجيه قارئا، والثاني يقول لا تحبيه كاتبا، والثالث ينكر هذا وذاك ويمدح في القارئ الكاتب الذي يجيد إحالة الأحرف غزلا جميلا لمحبوبته.
فالأول والثاني يبرران قولهما بأنه منشغل طول النهار عابس الوجه بين كتبه طول الليل، يفضل الأوراق والأقلام عليها ولا يجيد الحديث الرومانسي، أو قضاء الوقت بمرح لا جد فيه ولا سياسة، ولكن ما العيب في ذلك؟
ربما هنا تكمن الخطورة التي حذر منها كاتب رابع لم أذكره بداية، لأنه ببساطة حذر الرجل من أن يحب قارئة ويا تعس حياته لو تزوجها كاتبة، ربما كنت سأحاول إخفاء المقال عن زوجي، لكن للمفارقة أن قارئة تزوجت من قارئ فدفعها بعد فترة لتكون كاتبة بينما ما زالت محاولاتها معه تبوء بالفشل حتى الآن.
من المؤكد أن الحديث البسيط شيء لا زم لسير الحياة واندماج الروح في الروح، فطبيعة النساء أن يثرثرن مع من يحببن دون توقف، فإن بدأت بالحديث عن الأولاد والطعام والشراب ثم انتقلت إلى الجارات والقريبات، وثلثت بأبرز الأخبار وعلقت على هذا وذاك لا تنزعج عزيزي الرجل، فإنما تحاول خلق صلة معك، نوع من التقارب لا أكثر، قد تكون منزعجا أو غير متفرغ، أو ترى في الصمت فضيلة لا حياد عنها لكنها كانت تنتظرك طول النهار كي تبثك شوقها بتلك الطريقة!
بل ربما عليك القلق إن دخلت يوما البيت فوجدتها صامتة، هادئة، لا تظن حينها أن العقل والرزانة قد هبطا عليها فجأة بل هي في أشد اللحظات فقدا لأي شيء تحبه معك، وفي المقابل لا تضع نفسك في كهفك المغلق أبدا، لأن ذلك يعني لها ببساطة قلة الاهتمام ونوع من برود المشاعل والتجاهل نحوها، مهما كنت تعبا، قلقا، ومهما كان الضغط بسبب الأحوال المادية أو الاجتماعية أو غير ذلك، بالعكس أشركها في أمرك وشاورها في قرارك، فذلك أقرب للألفة بينكما وأدوم للصلة في علاقتكما معا.
لأنها بذلك تعي أنك مهتم لأمرها، حريص على بقائكما معا، ترى المستقبل وهي فيه ومنه، فلا تهمل أبدا تلك الصلة وإن أردت في المقابل أن تتخلص من الكلام الفائض لديها أو الخارج عن دائرة اهتمامك فلا أجمل من دفعها بلطف لذلك من خلال شيء مشترك، ارتقيا معا في سلم المعرفة، اقرأ معها شيء بسيط ليس بالضرورة كتابا، ربما قصة، شاهدا فيلما أو حتى برامج الأطفال مع الأسرة بكاملها فهو يخلق جوا لا مثيل له.
المهم ألا تفقدا خيط الصلة بينكما أبدا، فنحن وإن كنا في عصر وسائل التواصل الاجتماعي السريعة والميسرة إلا إنها سرقت منا التواصل الحقيقي الفعال، واحتالت على التواصل الداخلي إلى تواصل أكثر جفاء وجمودا لا يعبر عن حقيقة المشاعر وطيب الخواطر، بل لربما هو هرب من شيء ينقصنا إلى شيء قطعا لن نجده فيها أفضل حالا.
جددوا بيوتكم بالحب، واملؤوها تواصلا ولا تدعوا لقهرها وصعوباتها عليكم سبيلا، وحينها لن يهم أحببتيه قارئا أم كاتبا، أو كنت أنت ذلك، فلن تعدما الوسيلة بينكما للبقاء على اتصال.
اقرأ أيضا
درسات وتقارير
الأكثر قراءة
الأقسام
روابط الموقع
مواقع صديقة
اشتراك
تواصل
جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014
متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات