2015-02-16
8622
الرأي- إسلام بهار:
حقاً إنه أبو الفنون، المسرح، هذا الفن الأدائي الذي يلامس وجدان الناس مباشرة، ويسقي عطشهم لتفاصيل الحياة، للغزها، لفك أُحجيات وطلاسم، لبث المتعة، لكي تُفتح أفواه ضاحكة في عتمة رقيقة، والخشبة تأن تحت ركام الكلام، المعنى، معنى المعنى، الصخب، ضجيج الأغاني وهمسها، تراويد الأمهات، زفرات العشاق، اتحاد فني إبداعي بين المخرج والممثل، المؤلف والديكور، السينوغرافيا، المتفرج، انصهار عضوي روحي ليكتمل مشهد الفرجة وينقش في الأرواح الهائمة مدونات، وثائق، حكايات، انزياحات عن المألوف، كسر للتوقع ونبش للمسكوت عنه.
مسرح الطفل
هو يبني دهشته الخاصة والطازجة، إذ يتناغم مع النص الأدبي الجميل، فيحلقان معاً في عوالم من الفرجة، والمخرج الجميل هناك يحرك خيوطا غير مرئية، ليخلق هذا المركب الجمعي، المتحد في صور بصرية غنية تتوارد معا، لتغني المتفرج وتثري ذائقته، وربما تؤثث لذاكرة لا تنسى!!
ومسرح الطفل يعتبر واحداً من الوسائل التربوية والتعليمية التي تسهم في تنمية عقلية وفكرية واجتماعية ونفسية ولغوية وجسمية إضافة لأنه فن موجه للأطفال يحمل الكثير من القيم التربوية والأخلاقية والتعليمية والنفسية من خلال شخصيات متحركة على المسرح مما يجعله وسيلة هامة من وسائل تربية الطفل وتنمية شخصيته.
أكد المخرج والكاتب المسرحي للطفل د.يسري المغاري على ضرورة أن يتسم مسرح الطفل بعدد من الخصائص التي تجعله مقبولاَ لدي الأطفال وقادراً على التأثير فيهم ومنها سهولة الحبكة والحوار ومناسبته لعمر الطفل ومراعاته لنفسيتهم من ناحية اجتماعية وأخلاقية و دينية بالإضافة لوضوح الشخصيات.
إثراء القاموس اللغوي
وأوضح المغاري بأن أهمية مسرح الطفل تكمن في التسلية والإمتاع إضافة لإثراء قاموسه اللغوي الذي ينمي قدرته على التعبير وإكسابه القيم التربوية والأخلاقية و تعزيز الثقة بالنفس وتنمية الذوق و الجمال و الفن.
وأشار إلى أن الطفل الفلسطيني مهمل بكافة المجالات التربوية والتعليمية والتثقيفية والترفيهية وان وجدت أماكن الترفيه فتستهدف الأطفال الذين يمتلكون المال .
وقال " نهتم بالطفل بشكل عام من خلال تقديم عروض مسرحية ولكنه بحاجة لاهتمام الدولة والدعم اللوجيستي له، وفي فلسطين وخاصة قطاع غزة يفتقر للمسرح بشكل عام ولمسرح الطفل بشكل خاص".
يحلم بالحرية
وأضاف " الطفل الفلسطيني يختلف عن باقي أطفال العالم، لأن الطفل البالغ من العمر ست سنوات عاصر ثلاثة حروب، وهذا أدى إلى اختلاف تفكيره عن الآخرين فهو يحلم بحرية السفر والتنقل لزيارة الأماكن الدينية و السياحية في ربوع الوطن، حتى يوم إجازته يذهب للشارع رغم أنه غير آمن".
واستكمل " في مسرحياتنا نحاول قدر الإمكان مراعاة ظروف الطفل الفلسطيني وخاصة الغزي المحروم من كل مقومات الحياة الكريمة، نعمل على رسم الابتسامة على شفاه الأطفال وهو هدف تربوي نقدمه لهم ".
غابة الألوان
وعن إنتاج مسرحية غابة الألوان للأطفال أردف " تأتي ضمن أهداف وحدة مسرح الطفل التربوي لدي جمعية حكاوي للثقافة و الفنون التي تهتم بشكل أساسي بفئة الأطفال من خلال برنامج الدراما والمسرح التربوي الذي يقدم رسالة تربوية للأطفال وتعليمية، لاسيما أن هذا النوع من المسرح يفتقر له الأطفال في قطاع غزة و لا يلقى اهتمام لدى المؤسسات الرسمية و كثير من مؤسسات المجتمع المدني".
وأوضح بأنها تستهدف الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات لان هذه الشريحة من الأطفال هي الأقل حظاً أو اهتماماً من قبل المؤسسات في تقديم البرامج و الانشطة الفنية والتربوية التي تساهم في العملية التعليمية للطفل لتعمل على تعزيز ثقافة المسرح لدى الأطفال و المجتمع، والتخفيف من حالة التوتر و الضغط النفسي لدى الأطفال بعد الحرب الاخيرة على غزة.
وأكد على أن مسرحية غابة الألوان ستتجول في رياض الأطفال بقطاع غزة وستبدأ خلال هذا الشهر فبراير و تستمر حتي نهاية الفصل الدراسي الثاني .
المقال
الكلمة
بقلم / د.عطاالله الحجايا
أكاديمي أردني
بين رجفة القلم بيد الكاتب ورعشة السوط بيد الجلاد علاقة متلازمة، فما ارتفعَتْ بأحدهما يد حتى تنخفض الأخرى بتواتر مطّرد منذ أن كانت الكلمة تضيء مشعلاً، ويطفئ السوط سراجاً.
كل منهما ترقب الأخرى وتتربّص بها، فما كُسر قلم إلا وارتفع سوط، وما سال حبر إلا وتبدّدت ضربة، وما هوى سوط إلا أنبتت فكرة حتى ليخيّل للمرء أنّ كلاً منهما ضرورة
للأخرى لا تزهر إلا بها وهي مفارقة محيرة منذ أن كانت يد الجلاد تحصي نقاط الحبر
المنسربة من عين القلم، ومنذ أن كانت للكلمة غاية، وللغاية فكرة، وللفكرة رسالة، وللرسالة
أتباع ودعاة.
ومن المفارقة أيضاً أنّ لا يدٌ منهما ترتفع إلا بوجود الأخرى، ولا تنمو إلا على إيقاعها،
فارتفعت الكلمة في وجه السوط مدوّية ساخطة، وفرقع السوط كلما علت كلمة بالرفض أو أعلنت الجموح.
وتحايلت كل يد على الأخرى بما استطاعت وتمردت على سطوة حضورها وقفزت فوق أسوار نواياها إلى مدارج الظهور، فتحايلت الكلمة بالحرية وتحايل السوط بالنظام والقانون.
وما ارتجفت يد الجلاد إلا بتسرب الكلمات من بين مسام جلد مزّقته ضرباته، وما أزهرت كلمة إلا بما سقيت من نجيع فجّر ينبوعه سوط قاس.
ويبدو أنّ هذا التلازم قد صنع أُلفةً بين أصحاب القلم وأرباب السوط، فنشأ بينهما
حلف غير مبرور، حلف جمع بين الممانعة والمطاوعة، وبين المخاتلة والمراوغة، فجاءت الأقلام بزخرف القول تزيّن فيه إيقاع السوط على عواتق المتمردين ومنهم أرباب كلمة لم يحسنوا الاندماج بالدور المرسوم فسيموا عذاباً وخسفاً.
مناسبة هذا الحديث هو تراجع دور المثقف في توجيه الرأي العام ومواجهة القمع واستلاب الحريات، بل الأعجب من ذلك أن يصبح أداة من أدوات القمع وتكميم الأفواه وتعظيم الطغاة ومحاربة الأصوات التي لم تدجّن في بيت السلطة، فكانوا وبالاً على أمتهم وشعوبهم، وتراجع بذلك دورهم إلى أسفل درك من الهوان.
وكم من قلم حمل مشاعل الحرية ردحاً من الزمن، فاحترمه الناس وشاع ذكره بينهم، فأصبح قدوة ومثلاً، غير أنه ما كاد يُهز حتى اّساقط فجاً ممجوجاً، وبعيداً عن الأسماء فلنا
الحق بالتساؤل عن الذين نشأنا على كتاباتهم وأغرتنا أقلامهم بالتمرد فما بالهم يقولون
ما لا يفعلون وقد أصبحوا أبواقاً مهترئة في خنادق الطغاة، لكل ذي سلطة يحجون وعلى كل
مأدبة يطوفون، وإذا أنت تبعتهم تكتشف أنّ سر هؤلاء الباتع أن يكون موقفهم (اللاموقف)
حينما أصبح للكلمة ثمن، فانخرطوا في مراكز الأبحاث وكانوا وبالاً على مجتمعاتهم، يكتبون
كما يريد المموِّل وما يرضي المتنفذ، فيزينوا الخنوع ويحاربوا كل صوت حر، وتمكنوا من إدارة الشأن الثقافي والفكري والأكاديمي ليوجهوا الفكر ويتحكموا في الرأي العام فلا يُرون ذوي الشأن إلا ما يَرون.
ابداعات قصيرة
بقلم- بسام الأشرم
أصحابُ الصِبا
على شاطئٍ خالٍ إلّا منهم و شِواءٍ فوق النارِ بينهم في ليلةٍ باردةٍ
بِربطاتِ عُنُقٍ مُستورَدة اجتمعوا بعد طولِ سنين .. تحاوروا ..
_ فاكِر يا دكتور ..
_ عارِف يا بَشمُهَندِس ..
_ واخِد بالَك يا أستاذ ..
تأمَّلَهُم بِصمتٍ و سُكون باحِثاً في مرايا عُيونهم عن أطفالٍ حُفاةٍ
كانوا يتقاسمون رغيفاً يابِساً ذات يوم .
مُرطباتٌ مُرّة
يُحيطُها بِذِراعِه مُداعِباً ..
_ اليوم عيدُ ميلادك الخامس عشر .. كَبُرتِ يا صغيرتي ..
تبتسمُ و دِفءُ الدنيا يُجَلِّلها .. و مازالا يسيران وسط أضواء المدينة ..
_ دافىءٌ هذا المكان .. زبائنُ و مُرطباتٌ و ألوان .. لِندخُله يا أبي ..
يكادُ يقفزُ قلبُها هناءً بين مِنضداتِ المكان ..
_ لِنجلس هنا .. يا للروعةِ و الجمال .. !
_ لا لا .. بل هناك بِجوارِ التِلفاز ..
تَشُدُّه الصورة على الشاشةِ .. يقترِب ..
فتاةٌ تحكي و خُدوشٌ على نَحرِها و دموع ..
" عمري خمسة عشر .. هَرَبْتُ مع أسرتي عندَ قَصْفِ بلدتي ..
قَتَلوا أبي إذ حاولَ حِمايتي .. واصطادوني ... "
تَحَشرَجَ صَوتها و دموعُها أكمَلَتِ الحكاية .
اقرأ أيضا
درسات وتقارير
الأكثر قراءة
الأقسام
روابط الموقع
مواقع صديقة
اشتراك
تواصل
جميع الحقوق محفوظة @ وزارة الإعلام الفلسطينية 2014
متابعة وتطوير وحدة تكنولوجيا المعلومات